كلمة حول الحوار الفلسطيني .. الفلسطيني
صفحة 1 من اصل 1
كلمة حول الحوار الفلسطيني .. الفلسطيني
نظِير خَليل اللوقة-إمَام مسجد بِلاَل بن رباح – فلسطين، قطاع غزة- رفح- تل السلطان– 4/جمادى الآخرة 1429 هـ- 8/6/2008م
بيان رقم 167
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله.. أما بعد..
يعجب المرء لماذا يتأخر الحوار الفلسطيني، ولماذا لم يتمَّ حوارٌ هادف بنَّاءٌ للخروج من حالة الانقسام، في الوقت ذاته نرى أغلب شعوب الأرض تتحاور فيما بينها وتتَّفق على أساسيات وثوابتَ لا تحيد عنها، ويبدو أن هناك نيةً وقصداً من خصومنا وأعدائنا أن يَبقى العرب متنازعين مختلفين، وأن يظل الفلسطينيون في تجاذباتٍ سياسية لا تنتهي.. والعجيب أن دولة يهود تتكون من عشرات القوميات.. جيء بهم من أقطار الأرض ليكونوا رأس حربة للسياسة الغربية في تدمير الحضارة العربية والإسلامية، ورغم أن قلوبهم شتَّى بنصِّ القرآن الكريم (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)(الحشر:14) إلا أنهم يتفقون ضدنا.. في الوقت ذاته تدفعهم سياستهم للتفريق بيننا.
والغريب أن فريقاً منا يستجيب لسياسة أعدائنا في هذا الجانب بالذات، وهو يَرى كيف يتم تداوُل السلطة دون أدنى مشكلة.. ومن هنا.. وَجَب أن يرتقي العقل الفلسطيني في نظرتِه لمَن خَالَفه في الرأي، ولا شيء يُقوِّي عدوَّنا إلا تفرُّقنا واختلافُنا، وعند ذلك.. يكون الردُّ عليهم بوحدتنا واتفاقنا، والقواسم المشتركة بيننا كثيرة جداً إذا نظرنا إليها نظرةً عادلة بعيداً عن التعصب والهَوى. ولقد دعا الرئيس محمود عباس مؤخراً إلى حوارٍ وطني شامل، تَبعه خطاب للأستاذ إسماعيل هنية يرحب به بالحوار، ويدعو إلى البدء فيه فوراً.. وهنا بعض الملاحظات:
1-إن الدعوة إلى الحوار الهادف كان وما زال سياسة الحركة الإسلامية والحكومة الفلسطينية برئاسة الأستاذ إسماعيل هنية، منذ اللحظة الأولى التي فازت فيها حركة حماس في الانتخابات التشريعية، فرفض كثيرون مشاركتها في تشكيل الحكومة، رغبة منهم في حصارها وإبعادها عن النظام السياسي، فكانت النتيجة عكسيةً تماماً، فتألَّقت الحركة الإسلامية مَدَّاً واتساعاً، وعطاءاً وتضحية وفداءاً، وإدارة ونجاحاً، وصبراً واحتساباً.
2-لقد جعل الرئيس فيما مضى عقبات أمام الحوار خاصة بعد 14/6/2007م وأصرَّ على تسمية ما حصل في غزة بالانقلاب على الشرعية، وهو يعلم -أكثر من غيره- خطأ هذا، فالحركة الإسلامية لم تنقلبْ على الشرعية فهي تمثل الشرعية.. إنما قامت بخطوة ضرورية لضَبْط الأمن وحماية الأرواح والأملاك والأموال، حيث كان هناك تيارٌ انقلابي استئصالي مُتنفذٌ في السلطة، يُحْدِثُ فوضى، وانفلاتاً ليل نهار، عن قصدٍ وعزْمٍ وإصرار، حتى يقول الناس: إن حركة حماس هي المسؤولة.. يا هؤلاء: إن الشمس لا تُغطى بغربال.
3-لقد داس الرئيس القانونَ الأساسي الفلسطيني بقدميه، وتجاوز المجلس التشريعي في سابقةٍ خطيرة تدل على ظلم واستبداد، (أرجو أن يكون الرئيس قد تَدارَكه في خطابه الأخير، وفَهِم أن سياسة ليِّ الذراع لا تُجدي نفعاً، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل) والعجيب أن من أولئك من لا يعترفون بحركة حماس، وأن الانتخاباتِ خَلقتْ واقعاً جديداً، في الوقت ذاته يقولون: يجب أن نتعامل مع يهود فَهُمْ واقعٌ، فأي واقعٍ أجدر أن نتعامل معه .. الواقع الإسلامي الأصيل، أم الواقع الإسرائيلي الدخيل؟
4-اختلف المُحللون السياسيون في تفسير خطاب الرئيس عباس، ولماذا جاء بلغة معتدلة ابتعَد فيها عن كلمةِ انقلاب واستبدلها بكلمة انقسام، وأكد فيها أنه سيسعى إلى وحدة الصف بجهود عربية، واستنكر الحصار لقطاع غزة.. منهم من قال:
أ-إن إفلاس الرئيس عباس في مفاوضاته مع يهود سبَّب في تغير لهجته في خطابه الأخير، حيث إنه لم يأخذ شيئاً، بل زاد الاستيطان وتهويد القدس بعد مؤتمر أنابوليس .
ب-ربما كانت دعوة الرئيس إلى الحوار مع حركة حماس وسيلةَ ضغطٍ على مَن يَرعى المفاوضات بينه وبين يهود، حتى يُعطيه اليهود شيئاً قبل نهاية حكم بوش .
ج-يتوقع الرئيسُ اجتياحاً لقطاع غزة فهو يُريد أن يَرفع عن نَفسه الملامةَ والعتاب، فجاء خطابه معتدلاً نوعاً ما.. حتى إذا ما كان اجتياحٌ، فقد حذَّر الرئيس منه، ودعا إلى الحوار قبل وقوعه، واستنكَر حِصارَ غزة الظالم. ونسي الرئيس عباس كمْ من مرةٍ حرَّض فيها شخصياً ضد القطاع، واعتبره مكاناً للإرهاب والتطرف وتنظيمِ القاعدة وإيران!
د-ربما كانت هناك اتفاقيات سرية حول الحلول النهائية مع يهود، ولا يريد الرئيس الإعلانَ عنها إلا بعد إزالة حالة الانقسام بطريقة أو بأخرى!! ليكون الحلُّ ذا قيمة فلسطينية تقتنع به دولة يهود.. قلت: ليس هذا غريباً، فاتفاقيات أوسلو كانت مفاوضاتها سرية لأكثر من عامين، في عنفوان الانتفاضة الأولى!
5-إن الرجولة صبْرُ ساعة، وإن ضريبةَ العزة مهما ارتفعتْ فهي أقل كُلفة من ضريبةِ الذلة والهوان، وإذا أخلصَ الرئيس عباس في قصده ونيته وابتعد عن شخصيات انقلابية في المقاطعة، التي لا تؤمن بالحوار، بل بشطبِ الآخر، فإنه سيرى صدراُ واسعاً، وقلباً مفتوحاً، ويداً ممدودة من حركة حماس، التي تمثِّل الوسطية والاعتدال، وهي كُبرى الحركات الإسلامية العاملة، ذاتُ الرصيد الإسلامي والأخلاقي والسياسي، وصاحبة الرصيد الشعبي الذي لا يَخفى على أحد، فمُصالحتها خير من عدائها، والوقوف معها خيرٌ من العمل ضدها. ومَحبتها خير من كراهيتها، إذْ كيف تَكرهون جباهً ساجدةً، وأيادي متوضئةً، وعقولاً واعية، وصدوراً حانية، وعيوناً -على حِفظ الوطن- ساهرة.
6-يجب تهيئة الأجواء للحوار، وذلك بحُسْن توجيه وسائل الإعلام نحو هذا القصد، وقد بدأت إذاعة الأقصى وقناة الأقصى الفضائية ذلك فعلاً، والمرجو من حكومة المقاطعة أن تهيئ أجواء الحوار –إضافة إلى ضبط إعلامها– فتفرج عن السجناء السياسيين من حركة حماس في سجونها، وأن تسمح بتوزيع صحيفَتَي فلسطين والرسالة، وكذا عمل مُراسِلي قناة الأقصى الفضائية، وإعادة المرتبات التي قطعت لأصحابها فوراً، وفتْحُ الجمعيات الإسلامية، وإعادة ممتلكاتها.
7-إن المستمع إلى خطاب الأستاذ إسماعيل هنية يرى نفسه أمام شخصياتٍ لا تُقدَّر بثَمن، وهي كنزٌ للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، ويبدو أن شعبيةَ الأستاذ هنية وقَبولَه في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي ملأتْ قلوبَ بعض الناس حسداً وحقداً.. وأنا أسأل الرئيسَ عباس وكثيراً من الناس: من خير للرئيس.. الأستاذ إسماعيل هنية، بحُسن حديثه وجمال عَرضه للقضايا الوطنية، وتمسكه بالثوابت الفلسطينية، أم غيره من المتنفِّذين ممَّن أصبحوا للرئيس مستشارين، يقودونه والشعبَ إلى المجهول .
8- أطالبُ جامعة الدول العربية أن تُسابق إلى تطبيق التوجه الجديد في الأراضي الفلسطينية، وأن تَرعى الحوار الذي عَرضه الرئيس والأستاذ هنية، فكما سابَقوا إلى دوحة قطر لرأبِ الصدع اللبناني، فما أجمل أن يُسابقوا إلى رأبِ الصدع الفلسطيني، وما أجمل أيضاً أن يَزوروا قطاع غزة كسْراً للحصار، ودعماً لصمود الشعبِ في غزة هاشم.
9-إن مَن يُعلِّق آمالَه في العودة للحُكم بأي ثمنٍ، وإنْ كان على ظهْر دبابة يهودية، أو بطريقةٍ أخرى، لكنها.. بالتأكيد غير وطنية، فإنَّ بغداد أمامكم شاهدة، وكابول في أفغانستان شاخصة، ومقديشو في الصومال –على ظلم المرحلة- ناطقة، وكيف كانت نتيجة الاستعانة بالأعداء على فريقٍ صالحٍ من الأمة.. فقدْ أدَّت إلى سخرية الرجل الأبيض منَّا، واستهزائه بنا، إذ يُحقِّق مصالحه بأقلِّ التكاليف على يد فريقٍ منا.. وهذا عارٌ وتاريخ أسود لمن كان سبباً فيه، ستلعنه الأجيال من أجله.. ما أشرقتْ شمسٌ، وأنار قمرٌ، وهدر بحر، وجرى نهر.
10-على الرئيس محمود عباس أن يُعلن صراحةً قبوله باتفاقية مكة، ورضاه بإعادة بناء الأجهزة الأمنية التي عاثت فساداً في القطاع، وما زالت تفعل ذلك في الضفة حتى الآن، وأن يتوقَّف عن اللقاءات مع يهود، حتى يرفع الحصار، فإن أبَوْا، فليكُنْ له موقف مُشرِّف في إقناع الإخوة في مصر على ضرورة فتْح معبر رفح، ليُسجَّلَ هذا مَوقفاً جديداً، وتفويتاً لفُرص أعدائنا الذين يَبتزوننا سياسياً.
11-أرجو من الشعب الفلسطيني ألا يفرط في التفاؤل، خاصة في الأمور السياسية، فالمؤامرة كبرى علينا، وربما كان فينا من لا يرغب في أي اتفاق، ومن هنا.. وجب أخذ الحذر، والانتباه جيداً إلى خطورة المؤامرة خاصةً أن أمريكا لا يروق لها اتفاق فلسطيني، وكذا دولة يهود لا يعجبها ذلك، وإن كانت القضية الأساسية فينا وعندنا، وهي تتطلب من أولي الأمر موقفاً شجاعاً، ولو مرة واحدة..
بيان رقم 167
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله.. أما بعد..
يعجب المرء لماذا يتأخر الحوار الفلسطيني، ولماذا لم يتمَّ حوارٌ هادف بنَّاءٌ للخروج من حالة الانقسام، في الوقت ذاته نرى أغلب شعوب الأرض تتحاور فيما بينها وتتَّفق على أساسيات وثوابتَ لا تحيد عنها، ويبدو أن هناك نيةً وقصداً من خصومنا وأعدائنا أن يَبقى العرب متنازعين مختلفين، وأن يظل الفلسطينيون في تجاذباتٍ سياسية لا تنتهي.. والعجيب أن دولة يهود تتكون من عشرات القوميات.. جيء بهم من أقطار الأرض ليكونوا رأس حربة للسياسة الغربية في تدمير الحضارة العربية والإسلامية، ورغم أن قلوبهم شتَّى بنصِّ القرآن الكريم (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)(الحشر:14) إلا أنهم يتفقون ضدنا.. في الوقت ذاته تدفعهم سياستهم للتفريق بيننا.
والغريب أن فريقاً منا يستجيب لسياسة أعدائنا في هذا الجانب بالذات، وهو يَرى كيف يتم تداوُل السلطة دون أدنى مشكلة.. ومن هنا.. وَجَب أن يرتقي العقل الفلسطيني في نظرتِه لمَن خَالَفه في الرأي، ولا شيء يُقوِّي عدوَّنا إلا تفرُّقنا واختلافُنا، وعند ذلك.. يكون الردُّ عليهم بوحدتنا واتفاقنا، والقواسم المشتركة بيننا كثيرة جداً إذا نظرنا إليها نظرةً عادلة بعيداً عن التعصب والهَوى. ولقد دعا الرئيس محمود عباس مؤخراً إلى حوارٍ وطني شامل، تَبعه خطاب للأستاذ إسماعيل هنية يرحب به بالحوار، ويدعو إلى البدء فيه فوراً.. وهنا بعض الملاحظات:
1-إن الدعوة إلى الحوار الهادف كان وما زال سياسة الحركة الإسلامية والحكومة الفلسطينية برئاسة الأستاذ إسماعيل هنية، منذ اللحظة الأولى التي فازت فيها حركة حماس في الانتخابات التشريعية، فرفض كثيرون مشاركتها في تشكيل الحكومة، رغبة منهم في حصارها وإبعادها عن النظام السياسي، فكانت النتيجة عكسيةً تماماً، فتألَّقت الحركة الإسلامية مَدَّاً واتساعاً، وعطاءاً وتضحية وفداءاً، وإدارة ونجاحاً، وصبراً واحتساباً.
2-لقد جعل الرئيس فيما مضى عقبات أمام الحوار خاصة بعد 14/6/2007م وأصرَّ على تسمية ما حصل في غزة بالانقلاب على الشرعية، وهو يعلم -أكثر من غيره- خطأ هذا، فالحركة الإسلامية لم تنقلبْ على الشرعية فهي تمثل الشرعية.. إنما قامت بخطوة ضرورية لضَبْط الأمن وحماية الأرواح والأملاك والأموال، حيث كان هناك تيارٌ انقلابي استئصالي مُتنفذٌ في السلطة، يُحْدِثُ فوضى، وانفلاتاً ليل نهار، عن قصدٍ وعزْمٍ وإصرار، حتى يقول الناس: إن حركة حماس هي المسؤولة.. يا هؤلاء: إن الشمس لا تُغطى بغربال.
3-لقد داس الرئيس القانونَ الأساسي الفلسطيني بقدميه، وتجاوز المجلس التشريعي في سابقةٍ خطيرة تدل على ظلم واستبداد، (أرجو أن يكون الرئيس قد تَدارَكه في خطابه الأخير، وفَهِم أن سياسة ليِّ الذراع لا تُجدي نفعاً، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل) والعجيب أن من أولئك من لا يعترفون بحركة حماس، وأن الانتخاباتِ خَلقتْ واقعاً جديداً، في الوقت ذاته يقولون: يجب أن نتعامل مع يهود فَهُمْ واقعٌ، فأي واقعٍ أجدر أن نتعامل معه .. الواقع الإسلامي الأصيل، أم الواقع الإسرائيلي الدخيل؟
4-اختلف المُحللون السياسيون في تفسير خطاب الرئيس عباس، ولماذا جاء بلغة معتدلة ابتعَد فيها عن كلمةِ انقلاب واستبدلها بكلمة انقسام، وأكد فيها أنه سيسعى إلى وحدة الصف بجهود عربية، واستنكر الحصار لقطاع غزة.. منهم من قال:
أ-إن إفلاس الرئيس عباس في مفاوضاته مع يهود سبَّب في تغير لهجته في خطابه الأخير، حيث إنه لم يأخذ شيئاً، بل زاد الاستيطان وتهويد القدس بعد مؤتمر أنابوليس .
ب-ربما كانت دعوة الرئيس إلى الحوار مع حركة حماس وسيلةَ ضغطٍ على مَن يَرعى المفاوضات بينه وبين يهود، حتى يُعطيه اليهود شيئاً قبل نهاية حكم بوش .
ج-يتوقع الرئيسُ اجتياحاً لقطاع غزة فهو يُريد أن يَرفع عن نَفسه الملامةَ والعتاب، فجاء خطابه معتدلاً نوعاً ما.. حتى إذا ما كان اجتياحٌ، فقد حذَّر الرئيس منه، ودعا إلى الحوار قبل وقوعه، واستنكَر حِصارَ غزة الظالم. ونسي الرئيس عباس كمْ من مرةٍ حرَّض فيها شخصياً ضد القطاع، واعتبره مكاناً للإرهاب والتطرف وتنظيمِ القاعدة وإيران!
د-ربما كانت هناك اتفاقيات سرية حول الحلول النهائية مع يهود، ولا يريد الرئيس الإعلانَ عنها إلا بعد إزالة حالة الانقسام بطريقة أو بأخرى!! ليكون الحلُّ ذا قيمة فلسطينية تقتنع به دولة يهود.. قلت: ليس هذا غريباً، فاتفاقيات أوسلو كانت مفاوضاتها سرية لأكثر من عامين، في عنفوان الانتفاضة الأولى!
5-إن الرجولة صبْرُ ساعة، وإن ضريبةَ العزة مهما ارتفعتْ فهي أقل كُلفة من ضريبةِ الذلة والهوان، وإذا أخلصَ الرئيس عباس في قصده ونيته وابتعد عن شخصيات انقلابية في المقاطعة، التي لا تؤمن بالحوار، بل بشطبِ الآخر، فإنه سيرى صدراُ واسعاً، وقلباً مفتوحاً، ويداً ممدودة من حركة حماس، التي تمثِّل الوسطية والاعتدال، وهي كُبرى الحركات الإسلامية العاملة، ذاتُ الرصيد الإسلامي والأخلاقي والسياسي، وصاحبة الرصيد الشعبي الذي لا يَخفى على أحد، فمُصالحتها خير من عدائها، والوقوف معها خيرٌ من العمل ضدها. ومَحبتها خير من كراهيتها، إذْ كيف تَكرهون جباهً ساجدةً، وأيادي متوضئةً، وعقولاً واعية، وصدوراً حانية، وعيوناً -على حِفظ الوطن- ساهرة.
6-يجب تهيئة الأجواء للحوار، وذلك بحُسْن توجيه وسائل الإعلام نحو هذا القصد، وقد بدأت إذاعة الأقصى وقناة الأقصى الفضائية ذلك فعلاً، والمرجو من حكومة المقاطعة أن تهيئ أجواء الحوار –إضافة إلى ضبط إعلامها– فتفرج عن السجناء السياسيين من حركة حماس في سجونها، وأن تسمح بتوزيع صحيفَتَي فلسطين والرسالة، وكذا عمل مُراسِلي قناة الأقصى الفضائية، وإعادة المرتبات التي قطعت لأصحابها فوراً، وفتْحُ الجمعيات الإسلامية، وإعادة ممتلكاتها.
7-إن المستمع إلى خطاب الأستاذ إسماعيل هنية يرى نفسه أمام شخصياتٍ لا تُقدَّر بثَمن، وهي كنزٌ للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، ويبدو أن شعبيةَ الأستاذ هنية وقَبولَه في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي ملأتْ قلوبَ بعض الناس حسداً وحقداً.. وأنا أسأل الرئيسَ عباس وكثيراً من الناس: من خير للرئيس.. الأستاذ إسماعيل هنية، بحُسن حديثه وجمال عَرضه للقضايا الوطنية، وتمسكه بالثوابت الفلسطينية، أم غيره من المتنفِّذين ممَّن أصبحوا للرئيس مستشارين، يقودونه والشعبَ إلى المجهول .
8- أطالبُ جامعة الدول العربية أن تُسابق إلى تطبيق التوجه الجديد في الأراضي الفلسطينية، وأن تَرعى الحوار الذي عَرضه الرئيس والأستاذ هنية، فكما سابَقوا إلى دوحة قطر لرأبِ الصدع اللبناني، فما أجمل أن يُسابقوا إلى رأبِ الصدع الفلسطيني، وما أجمل أيضاً أن يَزوروا قطاع غزة كسْراً للحصار، ودعماً لصمود الشعبِ في غزة هاشم.
9-إن مَن يُعلِّق آمالَه في العودة للحُكم بأي ثمنٍ، وإنْ كان على ظهْر دبابة يهودية، أو بطريقةٍ أخرى، لكنها.. بالتأكيد غير وطنية، فإنَّ بغداد أمامكم شاهدة، وكابول في أفغانستان شاخصة، ومقديشو في الصومال –على ظلم المرحلة- ناطقة، وكيف كانت نتيجة الاستعانة بالأعداء على فريقٍ صالحٍ من الأمة.. فقدْ أدَّت إلى سخرية الرجل الأبيض منَّا، واستهزائه بنا، إذ يُحقِّق مصالحه بأقلِّ التكاليف على يد فريقٍ منا.. وهذا عارٌ وتاريخ أسود لمن كان سبباً فيه، ستلعنه الأجيال من أجله.. ما أشرقتْ شمسٌ، وأنار قمرٌ، وهدر بحر، وجرى نهر.
10-على الرئيس محمود عباس أن يُعلن صراحةً قبوله باتفاقية مكة، ورضاه بإعادة بناء الأجهزة الأمنية التي عاثت فساداً في القطاع، وما زالت تفعل ذلك في الضفة حتى الآن، وأن يتوقَّف عن اللقاءات مع يهود، حتى يرفع الحصار، فإن أبَوْا، فليكُنْ له موقف مُشرِّف في إقناع الإخوة في مصر على ضرورة فتْح معبر رفح، ليُسجَّلَ هذا مَوقفاً جديداً، وتفويتاً لفُرص أعدائنا الذين يَبتزوننا سياسياً.
11-أرجو من الشعب الفلسطيني ألا يفرط في التفاؤل، خاصة في الأمور السياسية، فالمؤامرة كبرى علينا، وربما كان فينا من لا يرغب في أي اتفاق، ومن هنا.. وجب أخذ الحذر، والانتباه جيداً إلى خطورة المؤامرة خاصةً أن أمريكا لا يروق لها اتفاق فلسطيني، وكذا دولة يهود لا يعجبها ذلك، وإن كانت القضية الأساسية فينا وعندنا، وهي تتطلب من أولي الأمر موقفاً شجاعاً، ولو مرة واحدة..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى