حكايات الزعفراني- الحلقة الثانية

**Admin** الأربعاء نوفمبر 17, 2010 7:06 am

حكايات الزعفراني- الحلقة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية

الزعفراني في عيون إخوانه

الشيخ وجدي غنيم من اعز أصدقاء د/إبراهيم سألناه أن يوجه كلمة عن د/إبراهيم فكان رده التالي :

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب العزيز أخي إبراهيم الزعفراني أبو إسماعيل من اعز اعز الناس بالنسبة لي لأن معرفته ترجع إلى السبعينات بل من أوائل السبعينات وأنا احسبه على خير كثير فالدكتور إبراهيم من المجاهدين في سبيل الله تبارك وتعالى ومن الذين كان لهم أثار وبصمات واضحة على مسار الدعوة الإسلامية وعلى مسار الجماعة الإسلامية داخل الجامعة وخارج الجامعة و في المساجد ومع الإخوان ومع كل الناس ونحسبه على خير كثير كثير كثير ونحسبه من المخلصين كذلك أنا كان لي حبسه معه في عام 1981 سجنا مع بعض لمدة عام كنا في طره ثم ذهبنا إلى أبى زعبل ومن طره لأبى زعبل يا قلبي لا تحزن وبالمناسبة د/إبراهيم صاحب نكتة وصاحب ضحكة جميلة وربنا سبحانه وتعالى يبارك في عمره ويبارك في صحته ويسعد أيامه ويبارك في زوجته وفى أولاده ويتقبل عمله الهم آمين.

س/د/إبراهيم هل لك من كلمة بعد الحلقة الأولى

نعم نقطتين :

الأولى وهى أرجوا ممن عاصروا ما أروي من ذكريات أن يصوبوني إن خانتني ذاكرتي و أن يستكملوا ما قصرت ذاكرتي عن ذكره.

? وأما الثانية فهي آمل أن تدفع هذه الذكريات من عاشوا هذه الأحداث أن يقوموا بتسجيليها زيادة في الفائدة للأجيال التي لم تعيشها.

الظروف التي كانت تعيشها مصر عندما بدأت الصحوة الإسلامية :

س/ كان وعدك في الحلقة السابقة أن تحدثنا عن الظروف التي كانت تعيشها مصر عندما بدأت الصحوة الإسلامية

كان لهزيمة مصر فيما سمى نكسة سنة 1967 أمام الجيش الصهيوني اكبر الأثر في ظهور حقيقة الفساد الذي كان متفشيا في البلاد وكذلك ساهمت هذه النكسة في عودة الوعي واستفاق المصريون على وقع هذه الصدمة المريرة المؤلمة.

ولم يجدوا حينها قاربا للنجاة في هذا البحر الهائج المظلم إلا الهوية الإسلامية والعودة إلى الله وترك الشعارات الجوفاء. وللمرة الأولى يقوم الطلاب بمظاهرات في الجامعات خاصة جامعة الإسكندرية عام 1968 ضد عبد الناصر ورموز النظام وقتها.

وبدا النظام يصفى حساباته من داخله وبدأت الصحوة الإسلامية تعود وتسارعت الأيام ومات عبد الناصر سبتمبر عام 1970 وتولى الرئيس أنور السادات الحكم متجها بالبلاد ناحية الغرب بعد أن

كان عبد الناصر قد وجهها قبل المشرق .

وبدا الصراع بين السادات ومراكز القوى الناصرية واستطاع السادات أن يتخلص من مراكز القوى ويسمح بهامش من الحرية واخرج الإخوان المسلمون من السجون في أوائل السبعينيات ورفع يد الجهات الأمنية والقمعية أن تبطش بالإسلاميين أو غيرهم وأعلن عن سياسته للانفتاح الاقتصادي .

وانتصر الجيش المصري ومعه الجيوش العربية وعبر القناة وحطم خط بارليف الحصين في معركة العاشر من رمضان 1393ه السادس من أكتوبر عام 1973 تحت شعار ( الله اكبر ) ثم جاءت الثغرة ومحاصرة الجيش الثالث ووصول الجيش الصهيوني إلى الكيلو 101 من مدينة القاهرة حيث تدخلت أمريكا بثقلها.

وماذا عن الصعيد السياسي

على الصعيد السياسي انتقل السادات من الحزب الاشتراكي إلى نظام المنابر ثم الأحزاب ثم كانت صاعقه زيارة السادات للقدس وما تلاها من مباحثات مصرية إسرائيلية انتهت بمعاهدة كامب ديفيد برعاية أمريكية عام 1977 وقاطعت الدول العربية مصر مقاطعة جماعية وقام السادات باعتقالات بسبتمبر 1981 وما أعقبها من مقتله في الذكرى الثامنة لحرب أكتوبر يوم السادس من أكتوبر أثناء العرض العسكري على يد الملازم أول/ خالد الإسلامبولي ورفاقه .

ثم اعتقالات شملت الآلاف وتولى الرئيس حسنى مبارك رئاسة مصر حيث كان يشتغل منصب نائب رئيس الجمهورية

بين التضييق الناصري و الانفتاح الساداتي:

س/أظن أن السادات كان عاملا أساسيا في انتعاش الحركة الإسلامية؟

لقد بدأت بالعمل العام في سن مبكرة من أوائل السبعينات وكان ذلك من منطلق إسلامي خالص وكانت الساحة خالية من العمل الإسلامي فقد غاب خلالها الإخوان المسلمون في سجون عبد الناصر وخفتت أصوات الدعوات الدينية في مقابل انتشار وارتفاع أصوات القوميين والناصريين بل واليساريين التي كانت تملأ الساحة وكذلك المنظمات الاشتراكية والاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي وكلها تابعة وداعمة للنظام الناصري الحاكم .

ولما مات عبد الناصر سبتمبر عام 1970 وجاء الرئيس السادات تغيرت الأمور

بدا السادات في الإفراج عن الإخوان خلال سنوات قليلة من بداية حكمه 1974 , 1976 م كما قام السادات بالسماح للجمعيات الإسلامية والجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة بالعمل الإسلامي داخل الجامعة . كذلك جماعات الدعوة والتبليغ فانتعشت الحركة الإسلامية في صفوف الجامعات المصرية حتى وصلت إلى أن فازوا بانتخابات اتحادات الطلاب على مستوى الكليات والجامعات وعلى مستوى اتحاد طلاب جمهورية مصر العربية وعلى الخط الموازى نشأت عدة جماعات إسلامية تكفيرية تكفر الحكم وجمهور المسلمين وتستحل مالهم وعرضهم وظهر المصطلح السلفي ليواجه هذه الحالة التكفيرية التي كانت تنتشر بسرعة وسط الشباب المتحمس وكذلك تبنت جماعات أخرى فكرة الجهاد وتغيير المنكر بالقوة .

ووسط هذا الفكر المتصارع والجماعات المتعددة كانت الجماعة الإسلامية بالجامعات تقترب بفهمها وحركتها من أفراد الإخوان المسلمين الذين خرجوا من السجن ليمثلوا أباء وأصدقاء ومحتضنين لهذا الفكر الشبابي الجامعي المتنامي والنشط والفاعل الحقيقي على الساحة المصرية وتلاقت الرغبة بين قادة الجماعة الإسلامية في عدد كبير من جامعات مصر مع رغبة الآباء من الإخوان على العمل معا لإحياء الجماعة الأم وتفعيلها وإعادة بناء هياكلها وتنظيم صفوفها وتوسيع جغرافيتها

س/هل اشتركت في أي جماعة أخرى قبل التحاقك بالإخوان

فلقد اشتركت مع جماعة الدعوة والتبليغ وأنا لا أزل طالبا بالثانوية وكان شيخنا في الإسكندرية هو الأستاذ / إبراهيم حسين وكان مديرا بمديرية الشئون الاجتماعية وكان رجلا متعبدا خلقا هادئ ودودا وكنت من ابرز تلاميذه وحفظت من كلماته التي قالها لي في إحدى الليالي التي كنا نقيم ليلها بمسجد عمر بن الخطاب وأنا اسأله عن مكانة جماعة الدعوة والتبليغ وسط باقي الجماعات فرد قائلا : " يا إبراهيم يا ابني جماعة الدعوة والتبليغ تمثل مدرسة المرحلة الابتدائية – والجمعية الشرعية يمثلون المرحلة الإعدادية – وأنصار السنة يمثلون مدرسة المرحلة الثانوية أما الإخوان المسلمون فيمثلون مدرسة المرحلة الجامعية للطلاب "

فالدعوة والتبليغ يدعون الناس لدخول المسجد والجمعية الشرعية يعلمونهم سنن ومظاهر الإسلام وأنصار السنة يعلمون المسلمين مسائل العقيدة والإخوان المسلمون يعلمونهم الحركة والعمل الجماعي في ميادين متعددة ومتنوعة

ثم تفاعلت مع الجمعية الشرعية في مظهرهم والتمسك بالسنة خاصة الظاهرة منها ولكنى لم أكن أميل إلى أنصار السنة لإحساسي بجفافهم العاطفي وجراءتهم على الفتوى وتكفير بعض المسلمين بسبب أخطاء بعض الدعاة أو لعلاقتهم بالأضرحة أو الأولياء

وكلا من الجماعتين الجمعية الشرعية وأنصار السنة جمعيات رسمية مسجلة في وزارة الشئون الاجتماعية.

أما جماعة الدعوة والتبليغ فهي جماعه نشأت في باكستان ثم انتقلت إلى الدول العربية– ومثلت هذه الجماعات الثلاث العمل الدعوى المحدود في نطاقه الديني والبعيد كل البعد عن الجانب السياسي

س/وماذا عن الجماعات الأخرى على الساحة؟

تواجدت على الساحة في هذه الفترة جماعات التكفير وكان أكبرها جماعة التكفير والهجرة ( كما أطلقت عليها ذلك وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية ) والتي كانت تسمى نفسها جماعة المسلمين وكان يرأسها شكري مصطفى وكانت تقوم على عدة معاني

1. أن لا اله إلا الله محمد رسول الله ليست كافية وحدها للحكم بإسلام الأشخاص.

2. أن الناس متوقف فيهم فلا هم مسلمون ولا كافرون حتى يثبت التزامهم بأحكام الشريعة كاملة وينضموا إلى جماعتهم.

3. أن علامات الساعة اقتربت وأنهم سيقاتلون اليهود داخل الجزيرة العربية وقد انتشرت أفكارها بسرعة هائلة.

ولكنها سرعان ما تحطمت واعدم زعمائها بعد قيامهم باختطاف وقتل احد علماء المسلمين المعروفين ووزير أوقاف سابق وهو الشيخ الذهبي رحمه الله .

وقامت الجماعات الإسلامية بالجامعة التي كانت وقفت في وجه هذا المد التكفيري بإعادة إنتاج عقائد أهل السنة والجماعة ورفعت راية السلفية في مواجهة الحملة التكفيرية

وكانت الجماعات الإسلامية بالجامعات المصرية خليط من حيث الفكر بين الفكر السلفي والفكر الجهادي وفكر الأستاذ سيد قطب كما كانت من حيث الممارسة يتراوح أدائها بين العمل الدعوى السلمي والمواجهة بالعنف مع الخصوم من الاتجاهات المناءة

وبعد خروج الآباء الإخوان من سجونهم في أوائل السبعينات .

تميزت الجماعات الإسلامية في جامعات مصر إلى ثلاث مجموعات

س/ما هى تلك المجموعات الثلاثة؟

المجموعة الأولى :

جماعات تلاقت مع الباء الإخوان الذي خرجوا لتوهم من السجون وتعاهدواعلى إعادة بناء الجماعة وتنشيط حركتها وتوسيع قاعدتها .

ومن هؤلاء جامعات الإسكندرية والقاهرة والمنيا وعين شمس والمنصورة وابرز شخصيات هذه المجموعة : عبد المنعم أبو الفتوح – سناء أبو زيد – محمد عبد اللطيف – عصام العريان – حامد الدفراوى – خالد داود – إبراهيم الزعفرانى – أبو العلا ماضي – محي عيسى وحلمي الجزار.

المجموعة الثانية:

اتخذت نهج العنف والقوة في سلوكها العملي ( في جامعات أسيوط ).

والتي عرفت فيما بعد ( الجماعة الإسلامية الجهادية ) ابرز شخصيات هذه المجموعة كرم زهدي – ناجح إبراهيم وجماعة الفنية العسكرية ( بقيادة صالح سرية ) .

المجموعة الثالثة : فضلت أن تسمى بالمدرسة السلفية وان تبتعد عن عامل السياسة وتهتم بالاطلاع وتدريس الكتب السلفية وتبنى مدرسة الرأي الواحد ومن ابرز شخصياتها ممن أتذكرهم محمد إسماعيل – محمد عبد الفتاح – سعيد عبد العظيم – احمد فريد- محمد الدبيسي—أسامة عبد العظيم

لقد قامت الرغبة بين قادة المجموعة الأولى وجيل الباء من الإخوان المسلمين على الالتحام وإعادة البناء لما لهؤلاء الباء من حكمة وخبرة ولما يتمتع به الشباب من نشاط وحيوية والتفاف زملاؤهم حولهم وثقتهم فيهم . وكان هذا هو المولد الثاني لجماعة الإخوان المسلمون .

بداية جماعة التكفير ومقتل الشيخ الذهبي

س/ علمت منك آنفا أنك على معرفة ببداية وقصة جماعة التكفير ؟

كانت تسمى نفسها جماعة المسلمين وكان الأمن يطلق عليها جماعة التكفير والهجرة قص لي فضيلة الشيخ على إسماعيل ( وهو شيخ أزهري سجن مع الإخوان المسلمون في الستينيات وهو أخ شقيق للشيخ عبد الفتاح إسماعيل احد قادة الإخوان الذين أعدمهم عبد الناصر ) بداية قيام هذه الجماعة في السجن في الستينات .

قال ( خرجت ذات مرة أصلى في السجن فرأيت بعض الإخوان يصلون وحدهم دون الجماعة فثارت ثائرتي لذلك وجاء بعدها في زنزانتي كلا الطرفين لشرح الموقف واكتشفت أن الفريق الأعظم من الإخوان المسلمون لا يقولون بكفر الحاكم والنظام ويعدون عامة الناس مسلمون في حين أن قلة منهم بسبب ما وقعوا فيه من تعذيب وتهكم المعذبين لهم من الإسلام هؤلاء يقولون أن الحاكم كافر وان أعوانه كفرة وان الناس برضاهم وسكوتهم عن الحاكم هم كفرة أيضا (وهذا الفريق الأخير منهم من رجع عن آرائه والذين رفضوا الرجوع تم فصلهم من الإخوان فيما بعد) .

س/ وماذا كان موقف الشيخ على؟

يقول الشيخ على إسماعيل فوقفت في حيرة بين الرأيين ثم ما لبثت أن خرجت برأي ثالث أعتقد انه وسطا بين الرأيين وهو أن من يدعى انه مسلم فلا نحكم عليه بالإسلام ولا بالكفر ولكن تتوقف فيه حتى نستبين إسلامه من كفره ونشا مذهب ( التوقف والتبيين ) ويستطرد قائلا لقد حاورت كلا الفريقين في السجن وكنت مؤهلا بوصفي شيخ أزهري في كثير من المناظرات وتتلمذ على يدي كل من شكري مصطفى – عبد الله السماوي وكانا شابين في العشرينات وكان شكري يسجل كل مناظراتي مع الخصوم ويرتبها ويستعملها في مناظراته , وذات يوم جلست مع نفسي أراجع نظرية ( التوقف والتبيين ) وجدت أن على أن انشأ فقها جديدا لم يقل به احد وهو فقه المتوقف فيه فمثلا ( زوجه المتوقف فيه يجوز لها معاشرة زوجها ) هل إذا مات المتوقف فيه قبل تبين إسلامه يرثه أولاده أم لا يرثونه هل يدفن في مدافن المسلمين أم ننشأ مدافن تسمى مدافن المتوقف فيهم وغيرها من المسائل الفقهية التي تستلزم أن اخرج على الأمة الإسلامية بفقه جديد خارج عن كل فقه عرفه أهل السنة والجماعة , فشعرت أنى استدرج بهذه النظرية إلى ضلالة كبرى وفتنة عظمى بين المسلمين , وفى اليوم التالي جمعت الإخوان في السجن ووقفت وسطهم أعلن تبرئي من نظرية ( التوقف والتبيين ) .

وما أن فعلت ذلك حتى صاح كل من شكري مصطفى ومحمد السماوي بأنهما سيظلان متمسكين بهذه النظرية رغم رجوعي واتهماني بالجبن وبعد خروجهما من السجن ظلا يدعوان إلى هذا الفكر مستخدمين ما سجلوه من مناظرتي انتهى حديث الشيخ على إسماعيل رحمه الله . ولقد خرج شكري مصطفى في أوائل السبعينيات في بداية حكم الرئيس السادات وجعل يقيم جماعة على هذه النظرية .

س/وهل هي نظرية تكفير حقا؟

هي نظرية تكفيرية في الأساس لأنه المتوقف فيه هو بمثابة الكافر عندهم وان كانوا لا يطلقون عليه كافر.

وكبرت هذه الجماعة وكان كل من ينضم إليها يترك أسرته ومدرسته أو جامعته ويعمل في الدعوة إلى هذا الفكر , وقامت مجموعة فيهم بالسفر إلى الدول العربية للعمل هناك لتوفير الدعم المالي للجماعة , ويقوم شكري مصطفى بنفسه بتزويج الرجال والنساء المنضمين للجماعة وبعضهم هربت من زوجها دون خلاف وكانت المعيشة بين أفرادها جماعية في المأكل والمشرب وحتى في السكن , كانت الشقة الواحدة تؤجر لعدد من الأسر أو الشباب ليتزوجوا فيها ويقيموا فيها وبدا شكري مصطفى يكون مجلس شورى من عدد لا يزيد عن العشرة لإدارة الجماعة هو أميرها وبعض الأمراء على المحافظات ومناطق مصر المختلفة .

ثم أمرهم بالهجرة إلى جبال الصعيد، استعدادا للهجرة إلى السعودية لمقاتلة الجيش الذي سيقاتل الكفار الذين سيدمرون الكعبة في آخر الزمان وكونوا مجتمعات مستقلة في جبال الصعيد وكانوا يقيمون الحدود بأنفسهم على من يرتكب كبيرة –

س/ ومتى تنبهت الدولة لهم ؟

تنبهت الدولة لحجم هذه الجماعة في أواسط السبعينيات وفى أوائل عام 1976 تم القبض على مجموعات منهم.

فقررت الجماعة القيام باختطاف أحد المسئولين المصريين رهينة لإخلاء سراح المقبوض عليهم من جماعتهم. وبعد دراسة وقع اختيارهم على الشيخ الذهبي وكان وزير أوقاف سابق فقامت مجموعة على رأسها ضابط شرطة سابق يدعى طارق باقتحام منزله ليلا وتعصيب عينيه واقتياده إلى مكان مجهول دون الالتفات إلى توسلات زوجته وبناته ... وبعد الإعلان عن اختطاف الشيخ الذهبي

لم يصدق الناس ادعاء الأمن بان جهة إسلامية قد ضبطته وتحركت الأجهزة الأمنية في اتجاهين احدهما التفاوض مع جماعة شكري مصطفى لإطلاق سراحه والثاني تشكيل عدة فرق للبحث عن مكان إخفاء الشيخ.

ولم تمض أيام حتى جاء المختطفون إلى شكري مصطفى وهو في اجتماع من مجلس شورى الجماعة ليخبروه بان الأجهزة الأمنية اقتربت من الوصول إلى مكان اختفاء الشيخ وان علينا أن نسرع في عمل شيء قبل وصولهم إليه.

ويحكى بعض من حضر هذا المجلس أن شكري مصطفى صمت دقائق ثم رفع رأسه وأشار بإصبعه قائلا: ( قضى الأمر: اقتلوه ) وعلى الفور تحرك فريق الخاطفين إلى مكان وجود الشيخ وقتلوه باستخدام مسدس كاتم للصوت.

وما أن وصلت الأجهزة الأمنية إلى المكان حتى عثروا على الشيخ مقتولا وأذيع خبر مقتل الشيخ في وسائل الإعلام وكانت غضبة رسمية وشعبية عارمة وتم بعدها القبض على اغلب عناصر الجماعة قدموا لمحكمة عسكرية حكمت على أربعة منهم بالإعدام وعلى رأسهم شكري مصطفى الذي يرسم في أذهان إتباعه انه لن يموت إلا بعد أن يقاتل الجيش الذي سيغزو الكعبة في آخر الزمان .

حتى انه بعد إعدامه لم يصدق كثير من أتباعه خبر إعدامه إلا بعد مرور أشهر عديدة وهكذا انكسرت بإعدامه جماعته وان كان بعض مجموعات صغيرة لا زالت تحمل هذا الفكر.

مقتل الذهبي رحمه الله ومعسكر الإسكندرية :

س/ وماذا فعلتم بعد ذلك لإثبات براءتكم من ذلك ؟

كنا بالجماعة الإسلامية بالإسكندرية نقيم مؤتمرا جديدا يديره الأخ / احمد يونس رحمه الله وكنت أعاونه في إدارته وكان مقره مبنى اتحاد طلاب الإسكندرية وكان يضم ما يقرب من ثمانمائة طالب. ففي صبيحة اليوم الذي أعلن فيه عن قتل الشيخ الذهبي رأينا أن من واجبنا أن نستنكر هذا الحدث الإجرامي وحتى لا يتلبس على الناس أمر المتدينين والملتحين بأنهم جميعا من هذا الصنف الإجرامي فقسمنا أفراد المعسكر أربعمائة مجموعة كل مجموعة من فردين وتم توزيعهم على وسائل المواصلات وخطوطها المختلفة( قطارات , أتوبيسات , ترام )ليقوموا باستنكار هذا العمل الإجرامي وبيان الاختلاف بين فكر هذا الشباب الإسلامي المتدين وفكر هذه الجماعة المتطرفة وظلوا يعملون حتى صلاة العصر , وبعد الصلاة تم تجمعيهم مع مشايخ الأزهر وأئمة المساجد بالإسكندرية بزيهم الرسمي بمشاركة آخرين من الشباب للقيام بمسيرة تجوب الشوارع الكبرى بالإسكندرية تندد بجريمة مقتل الشيخ الذهبي وهم يحملون اللافتات ومكبرات الصوت .

وتحركت المسيرة من مبنى اتحاد طلاب الجامعية مقر المعسكر الصيفي وفى الصفوف الأولى المشايخ بملابسهم الرسمية وفى صفوفهم فضيلة الشيخ محمود عيد وفضيلة الشيخ احمد المحلاوي .

وما أن وصلت المسيرة إلى كبرى الجامعة إذا بقوات الشرطة تستوقفنا طالبة منا أن نحصل على إذن بذلك وتحدث السيد محافظ الإسكندرية مع فضيلة الشيخ المحلاوي طالبا ذهاب احد إلى مبنى مباحث امن الدولة للحصول على الموافقة . وذهبت بناء على طلب الشيخ المحلاوي إلى هذا المبنى في سيارة الشرطة بملابس المعسكر وكانت هذه أول مرة اعرف هذا المبنى أو أتعرف علي هذا الجهاز . صعدت الطابق الثاني ودخلت حجرة ضخمة يجلس على مكتب في المواجهة اللواء / فوزي معاذ وكان يومها مفتش إدارة امن الدولة بالإسكندرية قبل أن يصبح محافظا للإسكندرية فسلمت عليه وجلست اكتب طلب الموافقة على المسيرة , فإذا به يبتسم ويقول ( لن أوقع لك على هذا الطلب , فقمت غاضبا ومزقت الورقة وتوجهت إلى باب الغرفة وهو يصيح بي تعالى يا إبراهيم يا ابني لا تكن عصبيا هكذا تعال نتفاهم . فعدت وجلست فقال لي أنا لا أوقع على ورق يكفيني أن اتصل عبر اللاسلكي لأبلغهم بقرار الموافقة على المسيرة وفهمت ساعتها أن أفراد هذا الجهاز ليس من أعرافه التوقيع على مثل هذه الطلبات ثم قال المسيرة كما أنها تحقق هدفكم في تبرئة أنفسكم من هذه الجريمة وعدم تلويث صورتكم الإسلامية السلمية إلا إنها أيضا تحقق أهداف النظام بوجود استنكار شعبي لهذه الجريمة يمكن يد العدالة أن تأخذ مجراها .

وعلى هذا فنحن موافقون على المسيرة وأرجو أن تتحاوروا مع العميد...... الأمن العام قائد المأمورية في الاتفاق على خط سير المسيرة حتى يمكن أن نوفر لها الحماية ونتجنب الاختناقات المرورية . ثم انصرفت نستكمل المسيرة التي كانت لها اثر كبير هي وما سبقها من عمل أفراد المعسكر في وسائل المواصلات. ظل حديث أهالي مدينة الإسكندرية لعدة أيام.

والى لقاء ممتعا في الحلقة القادمة

في الحلقة القادمة إن شاء الله

1-المولد الثاني لجماعة الإخوان بالإسكندرية وكيف نشأ التنظيم في مصر

2- الجماعة الفنية العسكرية ما هي

3- قصة صلاة العيد في الخلاء ومن أين بدأت
إعداد وتقديم
امجد ربيع أبو العلا
Amgadrabea1983@yahoo.com
دكتور/ إبراهيم الزعفراني

Dr_zafarany@yahoo.com